نفحات قرآنية في سورة الرعد
قال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾ [الرعد: 2].
يفهم من كلمه: ﴿ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾ : أن هناك عمدًا لا تُرى، وهي الجاذبية.
وقوله: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ ، استواءً يليق بجلاله، لا نعرف كيفيته؛ كما لا نعرف كيفية ذاته جل وعلا وتقدس عن الشبيه والمثيل.
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الرعد: 6].
قوله: ﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ﴾، هذه السيئة هي المذكورة في قوله تعالى في سورة العنكبوت: ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [العنكبوت: 29].
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ [الرعد: 8].
قال عالم الإعجاز الشيخ عبدالمجيد الزنداني: الغيض يكون خلال عشرة أيام من الجماع، أما بعدها فيعلم الملك والبشر بوسائلهم.
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ ﴾ [الرعد: 17].
قوله: ﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء ﴾، أي: إن الباطل لا خير فيه، فهو كالزبد الذي يطفو على وجه الماء فيرمي به السيل ويقذفه على جانِبَي الوادي، وسوف يضمحل ويزهق يذهب جفاء.
وأمّا الحق فإنه ظاهر ونافع؛ كالماء الصافي الذي يثبت في الأرض فينتفع به الناس، وسوف يظهر ويعلو مهما كاد له الأعداء.
وقد قيل: إن الحق كالزيت يطفو دائمًا.
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ﴾ [الرعد:27].
قوله: ﴿ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ﴾، أي: أنه جل وعلا يضل من يرغب الضلال، ويهدي من يرغب الهداية.
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [الرعد: 31].
أي: لو كان هناك كتاب من الكتب الإلهية تتأثر به الجبال فتنتقل عن أماكنها، أو تقطع به الأرض جنات وأنهرًا، أو تُكلم به الموتى لكان هو هذا القران.