نفحات قرآنية في سورة الأنبياء
قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 10]
أي: أنزلنا إليكم هذا القرآن الذي فيه ما تتذكرون به وتتعظون؛ لهدايتكم وإصلاحكم وإسعادكم؛ وقد شرفكم الله به؛ حيث نزل بلغتكم، وأمرتم بنشره وتبليغه.
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 22]
قوله: ﴿ إِلَّا ﴾، بمعنى: غير، ولا يجوز أن تكون بمعنى الاستثناء، وبهذا يكون المعنى: لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا.
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30]
قوله: ﴿ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾، أي: كانتا ملتصقتين ففصل بعضهما عن بعض، فجعل السماء سبعًا: ﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [فصلت: 12]، وجعل الأرض سبعًا، و: ﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50].
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴾ [الأنبياء: 60]
أي: سمعنا شابًّا يذكرهم اسمه إبراهيم، والفتوة هي اكتمال النمو.
قال الشيخ صالح بن حميد: قال ابن عباس رضي الله عنه: ما بعث الله نبيًّا إلا شابًّا، ولا أوتي العلم عالم إلا وهو شابٌّ، وتلا هذه الآية.
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الأنبياء: 77]
قوله: ﴿ وَنَصَرْنَاهُ ﴾، أي: نجيناه، أتى بها ليضمنها معنى النجاة والنصر عليهم، والمعنى: أننا نصرناه بإنجائنا له منهم فلم يمسوه بسوء.
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]
قال الشيخ البسام: إن (ظن) هنا، بمعني: أيقن، أي: أيقن وتأكد أننا لن نضُيِّق عليه، وأننا سوف ننجيه؛ لمكانته وعبادته وإخلاصه، وهي كقوله تعالى في سورة يوسف: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف: 110].
وقوله: ﴿ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ ﴾ ، يعني: لن نُضيِّق عليه، وهي مثل: قوله جل وعلا في سورة الطلاق: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7]، أي: ومن ضُيِّق عليه رزقه.
ولا يقال: بأن (ظن) هنا بمعنى: شك في قدرتنا؛ لأن الشكَّ في عدم قدرة الله عز وجل كُفْرٌ، ويونس عليه الصلاة والسلام نبي يعرف الله ويعرف أنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأيضًا فإن الأنبياء معصومون.
وكلامه حق جزاه الله خيرًا.
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]
قوله: ﴿ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ﴾، أي: شفيناها بأن أزلنا عنها أسباب العقم فأنجبت له يحيى عليه الصلاة والسلام.
♦♦♦
قال تعالى: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 109]
أي: أعلمتكم بأوامر الله وبالعقوبة حتى كنا وإياكم سواء في العلم بمراد الله.