التردد في ذات الله
مما يحسن الاستطراد بذكره هنا، معنى عميق، نادرا ما يُتَطرّق إليه، فالناس يتحدثون عن العمل لله، والترك لله، ويُغفلون معنى التردد لله!
فليست كل الأمور واضحة تمام الوضوح حتى تعملها إذا بان لك مشروعيتها، أو تتركها إذا بان لك عدم مشروعيتها، لذلك فاجعل في نفسك خانة للأمور التي لم يتبيّن لك فيها رأي واضح، لغموض الأدلة عليك، أو لخفائها عنك، أو لجهلك بها، أو لغير ذلك، هنا يجب عليك أن تتردد لله، ألا تخوض في مثل هذه الأمور لا أمرًا ولا نهيًا ولا عملاً، هنا تردد قبل أن تجزم في المسألة، تردد قبل أن تعمل أو تترك، واحتسب أجر هذا التردد عند الله.. وأخلِق بمن يتردد لله أن يرزقه الله هدايات يعلمها، لأنّ الورع هو أخو هذا التردد، وما تردد جريء على الله أبدًا! تجد الجريء على الله، وعلى دين الله خوّاضًا في كل مخاضة، يتحدّث في كل محفل، يكتب كل ما يعنّ له، قليل النكوص عن قول قال به، ويرد قول المعترض قبل أن يعي وجه الاعتراض.
إذن لنحيي معنى التردد في ذات الله، ولنتهيّب الخوض في كل شيء، وهذا معنى لن يحييه في القلب إلا استشعار أنّ هذا الدين لله، وهذا الأمر من الله، وهذه أمور بينها وبين دين الله سبب متين.