مقدمة مواعظ الشيخ عبد القادر الجيلاني
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وَبَعد:
عندما نتحدث عن الوعظ والوعاظ يبرز اسم "الشيخ عبدالقادر الجيلاني" علماً شامخاً على مر الأيام التي تلت زمنه، فَقَلَّ مسلم لم يسمع به.
فهو أحد المربين الكبار، والشيوخ الكبار، الذين لم يقتصر أثرهم على زمنهم بل امتد إلى الأجيال التي جاءت من بعدهم.
كان اتجاهه إلى الوعظ - وهو العالم الكبير - تلبية للحاجة الملحة وتطبيقاً لسلم الألويات.
فقد رأى أن مجتمعه لم يكن ينقصه الفقيه المتخصص، ولا الأصولي النظار، ولا النحوي العالم باللغة - وكان يتقن كل ذلك وغيره - وإنما يفتقد العالم الذي يقود عامة الناس، فيخرج بهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن الضلالة إلى الهدى، ومن الانغماس في الذنوب والآثام والمعاصي إلى التوبة والاستغفار والتزام الصراط السوي، ومن النظر إلى الخلق والاهتمام بهم إلى إخلاص العمل للخالق عز وجل. .
وجد الميدان خالياً، فرأى من واجبه أن يملأه، فقد تحول في حقه هذا الفرض الذي كان على الكفاية إلى فرض عين، فشمر عن ساعد الجد، وباشر العمل، وقد جمع الله عليه القلوب، وأصغى له الناس بأسماع قلوبهم. . فكان الخير الذي عم بغداد يومئذ وتجاوزها إلى غيرها.
وإني إذ أقدم باقات من مواعظه - لتنضم إلى مثيلاتها في سلسلة معالم في التربية والدعوة - لأرجو أن ينفع الله بها، كما نفع بها من قبل، وما زالت الكلمة الطيبة كشجرة طيبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
كما أرجوه - تعالى - أن ينفعني بها، وأن يجعل هذا العمل وسائر أعمالي خالصة له، إنه نعم المسؤول وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.