القلوب الوجلة


صالح أحمد الشامي

قال الله تعالى:

{إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَٰجِعُونَ أُولَٰٓئِكَ يُسَٰرِعُونَ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ وَهُمْ لَهَا سَٰبِقُونَ}

[المؤمنون: 57 - 61]

في هذه الآيات الكريمة ذكر بعض صفات المؤمنين الذين يسارعون في الخيرات.

- فهم من خشية ربهم مشفقون، فهم مع إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصالح مشفقون من الله خائفون منه وجلون. كما قال الحسن البصري: إن المؤمن جمع إحساناً وشفقة، وإن الكافر جمع إساءة وأمناً.

- وهم بآيات ربهم يؤمنون: يؤمنون بآياته الشرعية والكونية.

- وهم بربهم لا يشركون: فهم يوحدونه ويعلمون أن لا إله إلا الله.

- وهم الذين 

{وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَٰجِعُونَ} 

أي: يعطون العطاء وهم خائفون وهم خائفون وجلون أن لا يتقبل منهم لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في بعض ما ينبغي أن يقوموا به.

عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} قَالَتْ عَائِشَةُ أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَيَسْرِقُونَ قَالَ لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ)

أخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه

إن قوله تعالى: 

{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} 

يحمل رسالة ينبغي أن يتوقف عندها كل قارئ، فهؤلاء يقومون بالعطاء وفعل الخيرات وقلوبهم وجلة ألا يتقبل منهم، وذلك أن كل عمل لله ينبغي أن يكون خالصاً له بعيداً عن الرياء وحب السمعة وما أشبه ذلك مما يفسد العمل، فهم خائفون من تقصيرهم.. ومع ذلك فهذا الخوف أهلهم أن يصفهم الله بأنهم (يسارعون في الخيرات).

إن الذين يقومون بالعمل الخير وهم خائفون ألا يتقبل منهم، وقد توفرت فيهم الصفات السابقة المذكورة في الآية يبشرهم ربهم بأنهم هم المسارعون في الخيرات.

فهذا الخوف من عدم قبول العمل صفة من الصفات الخيرة فيهم، فكان ثوابهم: أن يصفهم الله تعالى بأنهم المسارعون في الخيرات.

وبهذا بدأت الآية بذكر الخشية من الله وانتهت بذلك وهو جل قلوبهم.


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ القلوب الوجلة

  • القلوب الحية

    عبد العزيز الطريفي

    القلوب الحية تشعر بالوحشة إذا نسيت ذكر الله فتذكره لتأنس به، وأما القلوب الميتة فتمر بها الأيام والأعوام ولا تشعر

    17/05/2019 1603
  • كيف يكون قلب المترقي

    فريق عمل الموقع

    إن أهم ما ينبغي أن يعتني به المترقي في منازل السائرين إلى الله ، العناية (  بعلم القلوب ) وإصلاحها

    08/09/2012 3197
  • ثمرات الإيمان: ثبات القلوب

    الشيخ محمد مختار الشنقيطي

    من ثمرات الإيمان، ثبات القلوب، فإن من أعظم المصائب وأجلها في الدنيا تقلب القلوب عن طاعة الله، وأعظم ما يكون ذلك

    11/06/2014 4062
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day