عاقبة التكبر والفساد
قال الله تعالى:
{تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَٱلْعَٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}
[القصص: 83]
جاءت هذه الآية الكريمة تعقيباً على قصة قارون - المعروفة - وقد خرج على قومه في زينته، في تعالى وتكبر وترفع، وفي دعوى عريضة: أن ما أتاه الله إياه إنما كان من العلم الذي عنده..
إنه تكبر في الشكل والمظهر وتكبر في القول والدعوى.
فخسف الله به وبداره الأرض.
وتقرر الآية الكريمة: أن الدار الآخرة - أي الجنة - جعلها الله لقوم تتوفر فيهم صفتان:
{لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِى ٱلْأَرْضِ}
فلا يتكبرون في الدنيا على خلق الله، ولا يرون لأنفسهم فضيلة على غيرهم، فالكل عباد الله، فهم المتواضعون.. فقد جاء في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم:
( أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَبغي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ)
وقوله:
{لَا يُرِيدُونَ}
توحي بأن خاطر الاستعلاء لم يقم في نفوسهم، ولم يدر في خلدهم الاعتزاز بذواتهم وبأشخاصهم، وبالتالي فإن "الإرادة" لم تحصل منهم.
{وَلَا فَسَادًا}
والفساد كلمة عامة يدخل تحتها كل شر، فالمعاصي من الفساد، وأخذ مال الغير بغير حق من الفساد… فهؤلاء الذين تتحدث عنهم الآية هم الذين يسعون في الخير ويأمرون بالمعروف ويقومون به..
{وَٱلْعَٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}
الذين يأتمرون بأوامر الله وينتهون عما نهي.
والآية الكريمة تحذر الإنسان المؤمن من مقاربة العلو في الأرض والفساد فإن الدار الآخرة والجنة لن تكون مقراً لمن كانت هذه صفاته وأعماله.
وفي الآية الكريمة بشارة لعامة المسلمين، فهم بل معظمهم لا يريدون العلو في الأرض، ولا يريدون الفساد ولذلك ستكون العاقبة لهم إن شاء الله تعالى.