الإيمان والاستقامة


صالح أحمد الشامي

قال الله تعالى:

{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَٰمُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِىٓ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍۢ رَّحِيمٍۢ}

[فصلت: 30- 32]

قال ابن كثير: 

{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَٰمُوا} 

أي اخلصوا العمل لله، وعملوا بطاعة الله على ما شرع الله.

وقال ابن عباس استقاموا على أداء الفرائض.

وكان الحسن البصري يقول: اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة".

فالآية الكريمة تنص على أمرين: الإيمان بالله تعالى والاستقامة.

والاستقامة: هي السير على الطريق المستقيم الذي جاء ذكره في سورة الفاتحة، والذي يعني الالتزام بما أمر الله والابتعاد عما نهى.

والاستقامة: مفهوم معناها من لفظها ولا تحتاج إلى تفسير مطول.

ففي حديث الإمام مسلم: عن سفيان بن عبدالله الثقفي قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ غَيْرَكَ قَالَ: (قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَاسْتَقِمْ).

هكذا أجابه صلى الله عليه وسلم بهاتين الكلمتين بغير شرح أو إيضاح لوضوح معناهما.

ويترتب - كما جاء في الآيات الكريمة - على الالتزام بالإيمان والاستقامة بشارة الملائكة لهم بما يسرهم.

- البشارة بالجنة الموعودة.

- ولاية الملائكة لهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

- وأن لهم في الجنة ما يشتهون وما يطلبون.

- وأن هذا تكريم من الله تعالى لهم.

وما أعظم هذه الأمور أن تكون مقابل ما قاموا به من الإيمان والاستقامة.

ولكن متى موعد هذه البشارة؟

وقد نقل الإمام ابن كثير في ذلك أقوالاً:

- قال مجاهد والسدي وزيد بن أسلم: تتنزل عليهم الملائكة عند الموت قائلين: أن لا تخافوا، أي: مما تقدمون عليه من عمل الآخرة، ولا تحزنوا على ما خلفتموه من أمر الدنيا من ولد وأهل ومال أو دين فإنا نخلفكم فيه، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، فيبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير.

- وقيل: إن الملائكة تتنزل عليهم يوم خروجهم من قبورهم.

- وقال زيد بن أسلم: يبشرونه عند موته وفي قبره، وحين يبعث.

قال ابن كثير: وهذا القول - الأخير - يجمع الأقوال كلها وهو حسن جداً وهو الواقع.

وسياق الآيات يفهم منه أن هذه البشارة تكون في الحياة لا بعد الموت، بدلالة قوله: 

{نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا} 

فطيف يكون الحديث عن الحياة الدنيا عند خروجهم من قبورهم.

فيغلب على الظن أن القول الأول هو الراجح.

والآيات الكريمة بما تحمله من بشارة عظيمة لا يعدلها شيء آخر، ترشد إلى أن ذلك هو جزاء لمن 

{رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَٰمُوا}.

ونقول كما قال الحسن البصري: اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة.


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الإيمان والاستقامة

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day