الرقابة الدائمة


صالح أحمد الشامي

قال الله تعالى:

{وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍۢ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِن قُرْءَانٍۢ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍۢ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا فِى ٱلسَّمَآءِ وَلَآ أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكْبَرَ إِلَّا فِى كِتَٰبٍۢ مُّبِينٍ} [يونس: 61]

جاء في الظلال: "إن الشعور بالله على النحو الذي تصوره الآية الكريمة شعور مطمئن ومخيف معاً، مؤنس ومرهب معاً.. وكيف بهذا المخلوق البشري وهو مشغول بشأن من شؤونه يحس أن الله معه، شاهد أمره وحاضر شأنه، الله بمل عظمته، وبكل جبروته، وبكل قوته، الله خالق هذا الكون وهو عليه هين، ومدبر هذا الكون ما جل منه وما هان.. الله مع هذا المخلوق البشري.

إنه شعور رهيب.. ولكنه كذلك شعور مؤنس مطمئن. إن هذه الذرة التائهة ليست متروكة بلا رعاية ولا معونة ولا ولاية. إن الله معها.

{وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍۢ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِن قُرْءَانٍۢ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}

إنه ليس شمول العلم وحده، ولكن شمول الرعاية، ثم شمول الرقابة.

{وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍۢ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا فِى ٱلسَّمَآءِ وَلَآ أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكْبَرَ إِلَّا فِى كِتَٰبٍۢ مُّبِينٍ}

ويسبح الخيال مع الذرات السابحة في الأرض أو في السماء - ومعها علم الله - ومع ما هو أصغر من الذرة وأكبر محصوراً أمته، وجميع الخلائق، في كل ساعة وأوان ولحظة، وأنه لا يعزب عن علمه وبصره مثقال ذرة في حقارتها وصغرها في السماوات ولا في الأرض، ولا أصغر منها ولا أكبر إلا في كتاب مبين".

إنها رسالة خطيرة تلك التي تحملها هذه الآية الكريمة تقول لكل إنسان: إنك تحت المراقبة في كل لحظة من لحظات حياتك، فخذ حذرك، وراقب نفسك واحسب حركاتك وسكناتك.. كما جاء في الصحيح: كما جاء في الصحيح: 

(اعْبُد اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)

أجل (فَإِنَّهُ يَرَاكَ) فليستقر هذا المعنى في فكرك والتضبط تصرفاتك وفقا لذلك.

وإخيراً: لقد استوقفني تخصيص ذكر "تلاوة القرآن" في الآية الكريمة بين عمومين، الأول: قوله 

{وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍۢ} 

والثاني: 

{وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ}

ولعل في ذلك إشارة إلى فضل هذا العمل وشرفه فخصصه بالذكر، فأي حال أفضل من وقفة بين يدي الله تعالى يقرأ فيها القرآن، أو جلسة بين يدي كتاب الله تعالى يناجي الإنسان ربه تعالى بتلاوة وكلامه سبحانه.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الرقابة الدائمة

  • التلاوة المثمرة

    صالح أحمد الشامي

    إن تحقيق هذه الرقابة من القرآن الكريم على العمل لا تكون إلا إذا كانت "التلاوة" مثمرة، وهي التي تكون لها آثارها

    02/10/2021 653
  • استشعار مراقبة الله عزوجل

    الشيخ إبراهيم الدويش

    اعلم -يا أخي بارك الله فيك!- أن رقابة الله جل وعلا عليك متنوعة، فلا مفرّ من رقابة الله سبحانه

    02/12/2013 22922
  • طريق الاستقامة

    مجدي الهلال

    إن القرآن هو القادر - بإذن الله - على تغييرنا وإعادة صياغتنا من جديد، ولم لا وهو يمكنه تغيير طبيعة الجبال الصلبة

    11/05/2023 372
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day