ذكرى!
لقد ضاع مفهوم التوكل لدى كثير من الناس! نسوا الله فنسيهم عز وجل تركوا التوكل على الله فوكلهم إلى أنفسهم.
يمرض المريض فيعلق قلبه بالطبيب؛ تعلق بالدواء والطبيب وهما أسباب، ونسي رب الأرض والسماء، ومن بيده الشفاء!
تنزل ببعضهم المحن، وتشتد عليهم الفتن، وتضيق عليهم الأمور، ويتحملون الهموم والعموم، وينطرحون على أعتاب الأصحاب، وينسون العزيز الوهاب عز وجل
يحدق به الأعداء، ويمكر به الألداء، ويحيط به الخصوم؛ فيظل في هم شديد وكرب أكيد، ويغفل عن الذي هو أقرب إليه من حبل الوريد سبحانه وتعالى.
قال ابن الجوزي: "ينبغي للمتقي أن يعلم ان الله عز وجل كافيه؛ فلا يعلق قلبه بالأسباب، قال سبحانه وتعالى:
{وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُۥٓ ۚ}
[الطلاق: 3]
ومن الناس من فهم التوكل بمعنى: التواكل؛ كجماعة من اليمن أرادوا الخروج إلى الحج؛ فلم يأخذوا زاداً معهم، وقالوا: "نحن المتوكلون"، وأخذوا يتسولون طعامهم من الناس! فأنزل الله عز وجل:
{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقْوَىٰ ۚ}
[البقرة: 197]
أي: تزودوا ما يكف وجوهكم عن الناس، ويقيكم ذل المسألة.
ومنهم من قال: رزقي كتب؛ فلماذا أسعى في الأرض؟
صح عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلاً سأله؛ فقال: يا رسول الله! أعلقها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "اعقلها وتوكل"
[حديث حسن. رواه الترمذي]
والله عز وجل قد قال:
{فَٱمْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِۦ ۖ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ}
[الملك: 15]
فاتخاذ الأسباب لا ينافي التوكل، فلا يصح التوكل إلا مع القيام بالسبب، وإلا فهو: بطالة وتوكل فاسد!
{رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِير}
[الممتحنة: 4]