فضل أهل الإيمان (19)


الشيخ ندا أبو أحمد

فضل أهل الإيمان :


23- أهل الإيمان لا يتسلط عليهم الأعداء:


قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾ (النساء: 141).


قال ابن كثير في" تفسيره:1/567" عند هذه الآية: روى عبد الرزاق عن سبيع الكندي قال: جاء رجل إلى على بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: "كيف هذه الآية (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) فقال علي رضي الله عنه أدنه، أدنه ﴿ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾ وكذا روى ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس- رضي الله عنهما- ﴿ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾ قال: ذاك يوم القيامة، وكذا روى السدي عن أبي مالك الأشجعي: يعني يوم القيامة.


وقال السدي- رحمه الله-: "سبيلا " أي حجة ويحتمل أن يكون المعنى (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) أي في الدنيا بأن يسلطوا عليهم استيلاء استئصال بالكلية وإن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان على بعض الناس فإن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ (غافر: 51).


- ومما يدل على أن أهل الإيمان لا يتسلط عليهم الأعداء وأهل الكفر والعصيان ما أخرجه الإمام مسلم عَنْ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: يَخْرُجُ الدَّجَّالُ، فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَلْقَاهُ الْمَسَالِحُ (1) مَسَالِحُ الدَّجَّالِ، فَيَقُولُونَ لَهُ: أَيْنَ تَعْمِدُ؟ فَيَقُولُ: أَعْمِدُ إِلَى هَذَا الَّذِي خَرَجَ. قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُ: أومَا تُؤْمِنُ؟ فَيَقُولُ: مَا بِرَبِّنَا خَفَاءٌ، فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَحَدًا دُونَهُ، قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّالِ، فَإذا رَآهُ الْمُؤْمِنُ، قَالَ: يَأَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا الدَّجَّال الَّذِي ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: فَيَأْمُرُ الدَّجَّالُ بِهِ، فَيُشَبَّحُ (2) ، فَيَقُولُ: خُذُوهُ وشجوه (3) ، فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْبًا، قَالَ: فَيَقُولُ: أومَا تُؤْمِنُ بِي؟ قَالَ: فَيَقُولُ: أَنْتَ الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ، قَالَ: فَيُؤْمَرُ بِهِ، فَيُوشَرُ بِالْمِنشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ (4) حَتَّى يُفْرَقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قُمْ فَيَسْتَوِي قَائِمًا، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: أَتُؤْمِنُ بِي؟ فَيَقُولُ: مَا ازْدَدْتُ فِيكَ إِلا بَصِيرَةً، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: يَأَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لا يَفْعَلُ بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فَيَجْعَلُ مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَى تَرْقُوَتِهِ (5) نُحَاسًا (6) ، فَلا يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلا، قَالَ: فَيَأْخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَيَقْذِفُ بِهِ، فَيَحْسَبُ النَّاسُ أَنَّمَا قَذَفَهُ إِلَى النَّارِ، وَإِنَّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنَّةِ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " هَذَا أَعْظَمُ النَّاسِ شَهَادَةً عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ".


- - - - - - - - - - - - - - - - - - -


(1) المسالح زوي السلاح والمسلحة هم القوم الذين يحفظون الثغور من العدو وسمو كذلك لأنهم يكونون زوي سلاح .

(2) يشبح أي يمد على بطنه .

(3) يشج من الشج وهو أن يضربه بشيء فيجرحه به ويشقه والشبح في الرأس خاصة هو الأصل ثم استعمل لسائر الأعضاء .

(4) مفرقه: مفرق الرأس، وسطه .

(5) الترقوة : العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق .

(6) هكذا الأصل (نحاسا) واللغة تقتضي أن يكون نحاس لأن الفعل يجعل مبنى للمجهول فهو نائب فاعل .



السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ فضل أهل الإيمان (19)

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day