الجواب الكافي..
قال السدي: "قد كان الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا وهم منصورون، وذلك: أن تلك الأمة التي تفعل ذلك بالأنبياء والمؤمنين لا تذهب حتى يبعث الله قوماً فينتصر بهم لأولئك الذين قتلوا منهم، فيكون الإشكال قد زال عند هذه الآية:
وأما الإشكال الآخر الذي يورده بعض الناس عند قوله عز وجل:
{وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَٰفِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}
[النساء: 141]
ففي الآخرة لا إشكال فيه.
وأما في الدنيا؛ فجوابه – كما قال ابن القيم رحمه الله –: "فإذا ضعف الإيمان صار لعدوهم عليهم من السبل بحسب ما نقص من إيمانهم.
فالمؤمن عزيز مؤيد والمنصور:
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلْأَشْهَٰدُ}
[غافر: 51]
وما يراه المسلم في هذا الزمان من تسلط الكفار إنما هو بسبب: ما أحدثه المسلمون في دينهم من نقص أو زيادة، فأن تابوا اكتمل إيمانهم، وحل نصرهم من الله عز وجل:
{وَعْدَ ٱللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ ٱللَّهُ وَعْدَهُۥ}
[الروم: 6]
وثمن النصر: الإيمان والإعداد والصبر؛ لأن الله عز وجل قال:
{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ}
[الروم: 47]
وقال:
{وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ}
[الأنفال: 60]
وقال:
{وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْـًٔا ۗ}
[آل عمران: 120]
وجاء عنه عليه السلام أنه قال:
"وأن النصر مع الصبر"
[حديث صحيح. رواه أحمد في "المسند"]
وهنا ينزل النصر من المولى النصير؛ لأن الله عز وجل قال:
{وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ }
[آل عمران: 126]
وقال:
{ إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ }
[آل عمران: 160]
وإذا كان الله عز وجل معك فمن عليك؟
وإذا كان عليك فمن معك؟
ومن لاذ بالله كفاه وعلا شأنه:
{وَٱعْتَصِمُوا بِٱللَّهِ هُوَ مَوْلَىٰكُمْ ۖ فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ}
[الحج: 78]
ثم إن المؤمن يحب المؤمن، وينصره يظهر الغيب، وإن تناءب بهم الديار وتباعد الزمان.
اللهم يا نصير! انصرنا على القوم الكافرين.