فضل التوكل على الله
التوكل على الله تعالى مما تواترت به نصوص الوحي إما أمرا به أو ببيان فضله أو إخبارا بأنه من أهم صفات خواص المؤمنين من النبيين والصديقين وصالح المؤنين.
وقد بيّن الوحي أن التوكل سبب لحصول المقصود، كما في قول الله تعالى:
(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق/3.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:
"(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) أي: في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ويثق به في تسهيل ذلك ( فَهُوَ حَسْبُهُ ) أي: كافيه الأمر الذي توكل عليه به، وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي العزيز الرحيم، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء، ولكن ربما أن الحكمة الإلهية اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب له؛ فلهذا قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ) أي: لا بد من نفوذ قضائه وقدره، ولكنه ( قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) أي: وقتًا ومقدارًا، لا يتعداه ولا يقصر عنه" انتهى من "تفسير السعدي" (ص 870).
وكما في حديث عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا ) رواه الترمذي (2344)، وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
"وهذا الحديث أصل في التوكل، وأنه من أعظم الأسباب التي يستجلب بها الرزق... " انتهى من "جامع العلوم والحكم" (2/496).