إسقاط قناع الضمير المستقل عند الملاحدة وأن الأخلاق لا تحتاج إلى دين يهذبها
يدعي الملاحدة أن الضمير المستقل يكفي لكبح جماح الشهوات ... وأن الدين يقوم على معاقبة الظالم ومجازاة المُحسن .. ويعتبرون أن الضمير المستقل للإنسان كفيل بذلك بدون ترهيب أو ترغيب الضمير المستقل هو الذي يكون الوازع الأخلاقي لديه ذاتي... يقول علماء النفس أن الضمير المستقل في الجنس البشري لا تتعدى نسبته واحد على الألف بل وغالبية هذه النسبة يكون الضمير المستقل لديها بسبب دوافع إجتماعية ....
بل في أعظم الأبحاث والمراجع العلمية (allen&santrock )يعتبرون العقاب هو المانع الوحيد للدوافع وحيل التوافق ..... بل ولا يذكر شيء بخصوص الضمير المستقل لأن نسبته لا يتم التعويل عليها في التشريعات بل وفي أحد التعريفات الشهيرة للباعث incentive
يعتبرونه قوة بيولوجية نفسية داخل الفرد تستحثه على القيام بنشاط معين لإشباع أو إرضاء رغبة محدده كما أن هذه القوة تستمر في دفع الفرد وتوجيه سلوكه حتى يُشبع رغبته هذه . وطبعا القوة البيولوجية تشمل جميع أنواع الشهوات. والشهوة أمام الدافع والحاجة والتوتر والحافز والمثير تتحول إلى فيضان كاسح . ولذا فالقيود التي وضعها الإسلام على الشهوات والغرائز وشطحات وهلاوس الفكر الفاسد أشبه ما تكون بتهدئة ذلك الفيضان المدمر وتحويله إلى قنوات محكمة وترع منظمة ومواعيد معلومة وبهذه الوسيلة تتحول الصحاري إلى حقول زاهرة وترتقب منها الجني الحلو من الحبوب والفواكه كذلك الإسلام في تعامله مع الغزائز الإنسانية فإنه لا يحرقها ويحولها إلى صحاري جرداء قاحلة ولا يتركها على فيضانها وتدافعها المخيف بل ينظمها ويحول الإنطلاق الفوضوي إلى إنسياب دقيق رقيق فقد حرم الله الزنا وأحل الزواج ... حرم الربا وأحل البيع وهكذا .... هذا على مستوى الأفراد أما على مستوى الأمم والمجتمعات فإن الدول الدكتاتورية تُضخم جانب السلبية لتضمن السيطرة الكاملة على كل تصرف من تصرفات الشعب محافِظة على سلطانها الدكتاتوري ...والدول الفردية الديموقراطية تبالغ في تضخيم جانب الإيجابية إلى درجة تبيح إستغلال الفرد القوي لغيره من الناس استغلالا ظالما كما تبيح ما يسمونه الحريات الشخصية إلى حد يثير الفوضى ... ولقد نَفَذ الإسلام إلى هذين الخيطين المتقابلين فصحح معيارهما بهمة فريدة تضع كل شيء في نصابه الحق فتبدو الأمور طبيعية منطقية لا عوج فيها ولا انحراف .....
والدين الإسلامي وضع نصوصا مطلقة شمولية تحدد الإطار العام وتهذب الإتجاه الإنساني عموما في تعامله مع معطيات الحياة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :- ( لا ضرر ولا ضرار .) وفي حديث آخر :- ( الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس .) إنها أُطر عامة تهذب حياة الناس وتبين لهم الطريق .....
لكن في المقابل لو تصورنا مجتمعا يقوم على المادية البحتة وعلى ما آلت إليه خبرات الناس فإنه الهلاك لا محالة ... وها هو اعتراف زوجة العالم الشهير كارل ساغان عندما قالت ما المانع من الإجهاض إذا كان قبل الشهر التاسع فهو لم يصر آدميا بعد وطبعا تشير بذلك إلى أن الإنسان في هذه المرحلة حيوان تبعا لنظريات التطور . إنها تتكلم بالمادية البحتة وبما آلت إليه خبرات الناس فتجيز قتل الأطفال والأجنة.. هكذا عندما يحكم العبث في حياة الناس
{ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}
(50) سورة المائدة
بل وليست الداروينية العنصرية منا ببعيد وهي التي جعلت الجنس الآري الألماني يدخل حربا عالمية يروح ضحيتها 55 مليون شخص بإسم العنصرية والجنس الأرقى . وأذكرأن الشيخ محمد اسماعيل المقدم قال في أحد أشرطته أنه عندما كان يحاور إنجليزيا فقال له الشيخ لكن أليست هذه أفعال حيوانات قال ساعتها الإنجليزي ألسنا نحن حيوانات فعلا .
إن الطابع المادي قد صهر العقول وبالبعد عن منبع الطهر والنقاء الديني يتحول الإنسان إلى حياة بهيمية لا محالة وهذا ما حذرنا منه الله سبحانه وتعالى حذرنا من حياة الأنعام ... وها هي أوربا وأمريكا تنكصان على أعقابهما وتتحولان إلى بيت دعارة كبير لممارسة جميع أنواع الشذوذ الجنسي والفكري .. وهذا عين ما حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه :- ( لن تقوم الساعة إلا والناس يتهارجون كما تتهارج الحمر .) يمارسون الدناءة والحقارة كما الحمير في الطرقات لا يبالون بأحد ... ( ويبقى شرار الناس ؛ يتهارجون فيها تهارج الحمر ؛ فعليهم تقوم الساعة .) صحيح مسلم
لن ينقذنا من هذا التيه والخوف والضياع الخلقي والفكري إلا العودة الراشدة إلى ما فيه صلاح دنيانا وآخرتنا
وصدق الله {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}
(82) سورة الأنعام .