الرأسمالية وحرب الأفيـون
في عام 1997 عادت مستعمرة هونج كونج إلى الصين وصارت مدينة صينية وكانت قبل هذا التاريخ مملوكة للتاج البريطاني كنتيجة لحرب الأفيون التي اشتعلت منذ حوالي 150 عام حيث أشعلت بريطانيا الحرب من أجل إجبار الصين على شراء الأفيون .
كانت بريطانيا تزرع في الهند مساحات شاسعة من نبات الأفيون وقد احتكرت شركة الهند الشرقية التابعة مباشرة للتاج البريطاني هذه التجارة وكانت تقوم بتصدير الأفيون إلى الصين سرا واستيراد البضائع الصينية بدلا منه كالشاي والحرير .
وبدأت تجارة الأفيون تلقى رواجا شديدا في الصين وبدأت مشاكل الإدمان تظهر على الشعب الصيني .
بعد أن أدركت الحكومة الصينية الخطر الداهم لتعاطي الأفيون قررت حظر إستيراده فقام التجار الإنجليز والأمريكان بتهريب الأفيون إلى الصين عبر المهربين الصينيين في تحدٍ لقرارات الحكومة الصينية وصارت التجارة منتعشة وتُدر أرباحا هائلة على الإمبراطورية البريطانية فقررت الحكومة الصينية إجراء تفتيشات صارمة على الأجانب حتى لا يتسلل الأفيون إلى البلاد وقامت الحكومة الصينية بحرق أي أفيون يقع تحت أيديها .
عندما وصلت هذه الأخبار لبريطانيا اجتمع أصحاب المؤسسات العملاقة ووجدوها فرصة لشن حرب على الصين حتى تُفتح كل الأسواق لتجارة الأفيون .
أعلنت بريطانيا الحرب الغير متكافئة على الصين وتقهقرت الصين سريعا أمام المدفعية البريطانية المتقدمة في ذلك الوقت وانتهت الحرب بفوز ساحق لبريطانيا وعُرفت هذه الحرب بحرب الأفيون الأولى وتمت على أثرها معاهدة نانجينج nanjing الظالمة والتي كانت بنودها كالتالي :-
1- تصبح جزيرة هونج كونج مستعمرة بريطانية للأبد.
2- تدفع الصين 21 مليون دولار فضة كتعويض للأفيون الذي صادرته الحكومة الصينية وكتعويض حرب.
3- تقوم الحكومة الصينية بفتح خمس موانيء أمام التجارة الأجنبية وتسهيل التجارة الأجنبية.
4- موافقة الحكومة الصينية على نظام التعريفة الجمركية الجديد وبالتالي إلغاء التعريفة الخاصة بها.
5- محاكمة البريطانيين في الصين في محاكم بريطانية خاصة ولا يخضعون للقانون الصيني .
6- إعتبار بريطانيا العظمى الدولة المفضلة لدى الصين في التعاملات وخلافه .
وبانتهاء حرب الأفيون الأولى فُتحت أسواق جديدة وموانيء أكبر للأفيون وصار التجارة الأكثر ازدهارا.
مع الوقت شعرت بريطانيا أن البنود السابقة كان يمكن أن تزداد والمكاسب كان يمكن أن تتضاعف وبحثت عن ثغرة يمكن من خلالها إشعال حرب أخرى فوجدت ثغرة مناسبة حيث أن الصين للتو أجبرت سفينة غير بريطانية تحمل علم بريطانيا على التفتيش وقُتل في العملية مُبشر فرنسي واستغلت بريطانيا الأمر وأعلنت حرب الأفيون الثانية وانتهت هي الأخرى بهزيمة أخرى للصين ومعاهدة أشد قسوة تُعرف بمعاهدة تينتسن Tientsin وطبقا للمعاهدة فقد فتحت الصين أسواقها وموانيها (11 ميناء جديد ) ليس أمام بريطانيا فحسب بل أمام الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا ويحق للأجانب طبقا للمعاهدة أن يدخلوا البلاد ويتوغلوا فيها كما يشاؤون بل يحق للسفن الحربية أن تدخل المياه الإقليمية للصين وقتما شاءت وتقوم الصين بدفع 2مليون عملة فضية لفرنسا وبريطانيا و3 مليون عملة لتجار بريطانيا خاصة .. وعليه فقد سُمي القرن التاسع عشر في تاريخ الصين الحديث بقرن الذُل والعار Century of Humiliation ووصل عدد المدمنين في الصين إلى 120 مليون مدمن أفيون
هذا النوع من الإجرام الإمبريالي هو أعلى مراحل الرأسمالية على حد تعبير لينين ومن الصعب الحديث عن الرأسمالية بمعزل عن الحديث عن الإمبريالية كمقولة تكميلية لمفهوم الرأسمالية .. فالإمبريالية هي عملية توسعية إستعمارية الغرض منها فتح اسواق جديدة للمنتجات الرأسمالية وايجاد ثروات وعمالة بأبخس الأثمان ....
فالمجتمع الرأسمالي ينظر للعالم على أنه حلبة صراع حيث يتصارع الأفراد بلا قيود أو رحمة فينتصر الأقوى في النهاية ويخرج الضعاف خارج الحلبة ويختفون مع الوقت
طبقا للرأسمالية فإن الصراع يمكن أن يكون صراع أفراد أو مؤسسات أو شركات أو أمم بأكملها .. المعيار الأساس في الصراع هو الإنتاج ( المادة ) المنتجون الأفضل باقون .. الضعاف يُفلسون ثم يختفون .. لكن نسينا أن هؤلاء الذي يختفون في هذا الصراع المرير وهؤلاء الذين يفلسون ويختفون هم بشـر
فالمعيار في الرأسمالية ليس الإنسان بل المستوى الإقتصادي - البضائع -
لا تحمل العقلية الرأسمالية أية قيود أخلاقية أو مسئوليات قيمية .
فهؤلاء الذين ينسحقون تحت الأقدام وهؤلاء الذين يمتلكون مؤسسـات فارهة لا يوجد فرق كبير بينهم في كفاحهم أوعملهم لكن العقلية الداروينية انتصرت للأكثر حظا منهم وصاحب الإنتاج الأعلى وسحقت الآخر فجأة فقد قدمت الداروينية الأساس الفلسفي للرأسمالية ..
أنهى هربرت سبنسر عمله الشهير الإحصاء الإجتماعي Social Statistics في أواخر القرن التاسع عشر وعارض في هذا العمل كل الطرق التي تقدمها الدول والحكومات للفقراء وضعيفي الإنتاج لقد عارض الفكرة في أساسها لأن الفكرة تحمل في طياتها تمرد على الداروينية المادية -تخيل أن أسدا يساعد غزالا على الفرار -.
عارض سبنسر فكرة وسائل الوقاية الصحية وتدخل الدولة في الحماية الصحية لمواطنيها وتلقيحهم لأنه طبقا للداروينة الإجتماعية فالبقاء للأقوى ولسنا بصدد التمرد على هذا القانون أو تعطيله إن مساندة الضعفاء أو محاولة حماية المرضى والحرص على بقائهم يتأتي في تحد صارخ لقانون الطبيعة هذا ما حاول سبنسر أن يؤكد عليه مرارا حين قال :- ( إذا كان هؤلاء مستعدون للصراع من أجل الحياة فإنهم سيحيون بل يجب أن يحيوا .. أما في حالة أنهم لم يمتلكوا الأدوات التي تؤهلهم لذلك فإنهم سيموتون ومن الأفضل أن يموتوا -1-.
طبقا لتايل Tille فإنه :- ( من الخطأ الشديد مجرد محاولة منع الفقر أو الإفلاس أو مساعدة الضعفاء أو محدودي الإنتاج .. مجرد مساعدة هؤلاء خطأ جوهري في النظرية لأنه يتعارض أساسا مع الإنتخاب الطبيعي natural selection وهو جوهر الداروينية -2-.
في مقاله أخطاء داروين الثلاثة كتب العالم التطوري كينيث ثو Kenneth J. Hsü كتب يقول :- ( داروين هو الآخر كان يدافع عن المنافسة الفردية وما يتبعها من سياسة عدم التدخل laissez-faire بمنظورها الرأسمالي .. فقانون التنافس سواء كان قاسيا أو رحيما لا بديل عنه .. بل إن نمو الإقتصاديات العملاقة ليس أكثر من مجرد قانون البقاء للأقوى فهو قانون الطبيعة -3-.)
لقد استخدمت الداروينية الإجتماعية نظرية داروين في التطور كأساس علمي للمجتمعات الرأسمالية واختفت مع الوقت مصطلحات البذل والفداء والتضحية وظهرت بدلا عنها مصطلحات المنافسة والإستغلال والأنانية والمكر والإنتهازية .
لقد وضعت الداروينية الأساس الفلسفي للرأسمالية وطبقا لريتشارد هوفستادر Richard Hofstadter مؤلف كتاب الداروينية الإجتماعية في الوعي الأمريكي :- ( الرجال أصحاب الثراء ومراكز القوة في مدينة نيويورك يمثلون رموز حية للبقاء للأقوى ولقد جرى هذا من خلال التكيف الجيد وتفوق القدرات -4-.)
بل إن جيمس هل James J. Hill أحد هؤلاء النبلاء يقول:- ( إن الثروات تُحدَد طبقا لقانون البقاء للأقوى -5-.)
ويقول أندرو كارنيجي أحد اصحاب رؤوس الأموال بأمريكا :- ( لقد وجدت حقيقة التطور -5-.)
وكتب مرة أخرى يقول:- ( إنه قانون المنافسة لا نستطيع تجنبه لا بديل عنه ربما كان القانون صعبا على الشخص لكنه في المجمل أفضل للسلالة البشرية لأنه يؤكد على قانون البقاء للأقوى.-6-.)
بل إن ريتشارد ملنر Richard Milner كبير محرري مجلة التاريخ الطبيعي كتب يقول:- ( المليونيرات هم الأكفـأ في المجتمع ويحتفظون دائما بمزايا أعلى إنهم مُنتخبون طبيعياnaturally selected -8-.)
كتب H. Enochفي كتابه التطور أو الخلق ما يلي :- ( عندما توضع الداروينية كقيمة معيارية للتصويب والتخطئة فإننا حتما داخل غابة حيث القوة هي الحق "might is right" حيث الأكفأ يعيش .. حيث المكر والقسوة والخداع هي أسس بقاء الفرد والمجتمع -9-.)
لقد شرح روبرت كلاركRobert E. D. Clark الموقف على النحو التالي :- ( التطور بإيجاز أعطى صانعي الشر فرصة الهروب من ضمائرهم .. بل إن أسوأ رد فعل شيطاني تجاه المنافس يوصف في المجتمع الدارويني بأنه رد الفعل المناسب -10-.)
إن أمريكا صاحبة أكبر اقتصاد في العالم والتي تملك ما يوازي ثلث ثروة العالم عندما يعيش بداخلها ملايين المشردين والبائسين ومدن الصفيح ساعتها فقط نستوعب حقيقة الرأسمالية الفجة فبداهةً الثروة الأمريكية غنية بما يكفي لإطعام كل فقير فيها وإيواء كل مشرد ولكن نظرا للعقلية الرأسمالية السائدة فلا نجد حل دارويني واحد لهؤلاء البؤساء إلا أن يختفوا من هذا العالم في هدوء وبدون ازعاج .
وبينما أسست الأديان للبذل والفداء أسست المادية الداروينية الملحدة لعبادة المال ورموز القوة وبينما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( "مَا ءامَنَ بي مَنْ بَاتَ شَبْعان وَجَارُهُ جَائِعٌ إلى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ" .) يقول هؤلاء "In order to rise there has to be a stepping stone for one to tread on." ) أي لن تصعد إلا عندما تدوس على كتف جارك
يستحيل أن يُفرز النموذج الدارويني أنبياء أو قادة مُصلحون أو شرفاء يدعون للخير أو زُهـاد أو مصحلو الإنسانية .. وإنما ما يفرزه صراحة النموذج الداويني الإلحادي دائما هم قادة المال والحرب والجنس
الأجيـال المسـروقة Stolen Generations
في 13 فبراير عام 2008 خرج رئيس وزراء استراليا كيفين رود Kevin Rudd أمام الملأ وأعلن رسميا أمام البرلمان الأسترالي أنه يعتذر أشد الإعتذار للأجيال المسروقة قائلا :- ( عذرا للأجيال المسروقة .. عذرا للألم .. عذرا للجراح عذرا لجميع الاجيال المسروقة -11-.)
لكن مَن هم الأجيال المسروقة Stolen Generations ؟
الأجيال المسروقة هو مصطلح غير موجود ككلمة مُركبة في أي لُغة من لغات العالم إلا في اللغة الإنجليزية يصف هذا المصطلح عملية سرقة حوالي ربع مليون طفل من أبناء استراليا الأصليين على يد الحكومة الإسترالية الإنجليزية وبإقرار واحترام البرلمان الأسترالي الديموقراطي الإنجليزي بدأت العملية عام 1870 وانتهت عام 1970 ….
الأرقام تتراوح بين 100 ألف طفل و303 ألف طفل .. حيث تمت سرقة الأطفال من أمهاتهم ولن يرونهم مرة أخرى طبقا لقانون أصدره البرلمان الأسترالي the Aborigines Protection Act ويحق طبقا لهذا القانون لكل أبيض أن يسرق أي طفل من أبناء استراليا الأصليين بالإكراه فسرقة الأطفال كانت سرقة رسمية وقانونية طبقا للدستور الأسترالي ووفق اللوائح الديموقراطية وبموافقة البرلمان .
ظلت عملية السرقة المدهشة والمرعبة تلك حوالي مائة عام من عام 1870 إلى عام 1970 سُرق خلالها حوالي ربع مليون طفل ..
بعدما تتم سرقة الأطفال من ذويهم كان الأطفال البيض البشرة يودعون في مؤسسـات تبني بينما يودع الأطفال السود البشرة في ملاجيء بهدف إستخدامهم لاحقـا في أعمال شاقة وكعينات بحثية وعندما تزداد الحاجة للأيدي العاملة كان يتم صبغ الأطفال البيض بالفحم ليصبح لونهم أسود وبالتالي يتم توفير ايدي عاملة بأعداد كبيرة -12-.
في أستراليا وفي المنطقة الشمالية من تلك القارة الحالمة المكتظة بالثروات أُنشـأت مدينة داروين تيمنـا بالعالم البريطاني صاحب نظرية النشوء والإرتقاء تشارليز داروين -13-.
وفي تلك المدينة جرت أكبر المهازل بخصوص سرقة الأطفال وظل الأمر بهذه البشاعة حتى عام 1970 حيث خرجت الحركات الكبرى التي تنادي بعنصرية قانون سرقة الأجيال وفي عام 1994 بدأت الحركات تنادي بضرورة عودة الأجيال المسروقة إلى بيوتهم وظهرت مؤتمرات العودة Going Home Conferences-14-.
في عام 1995 قرر النائب العام بأستراليا بحق العودة والإنفصال للأجيال المسروقة عن المستعمر الأبيض طبقا لقانون حقوق الإنسان وفي مايو من عام 1997 قدم البرلمان الأسترالي اعتذاره الرسمي للأجيال المسروقة وبموافقته على حق العودة للأجيال المسروقة قدمت الحكومة رسميا اعتذار كامل عن كل ممارسات الأجداد البيض عام 1999 وتضمن الإعتذار مزايا مدهشة للباقين من الأجيال المسروقة .
حاليا أي شخص باق من ضحايا هذه الجريمة البشعة يتلقى 500 ألف دولار كتعويض من قِبل الحكومة الأسترالية فمثلا Bruce Trevorrow أحد الأطفال المسروقين حصل في عام 1998 على نصف مليون دولار تعويض من الحكومة الأسترالية مقابل كونه أحد ضحايا قانون الأجيال المسروقة حيث يقول أن معاقرته للكحوليات والإكتئاب وعدم استطاعته العمل كل هذه الأمور كانت من جراء تعرضه لقانون الأجيال المسروقة -15-.
لكن كيف جرى ذلك بإسم الديموقراطية ؟؟ كيف يحق للبيض إبادة وسرقة كل هذه الأجيال من السود ومن سكان استراليا الأصليين كيف برروا لأنفسهم كل هذه الجرائم البشعة ؟؟؟ قال رئيس وزاء تاسمانيا Tasmania( أحد جزر استراليا ) عام 1890 جيمس برنارد James Barnard ما يلي :- ( عملية إبادة السكان الأصليين تجري طبقا لقانون النشوء والإرتقاء والبقاء للأنسب-16-.)
فطبقا لداروين فإن الجنس الأبيض هو الجنس المُختـار favoured race بينما الأفارقة والآسيويون في ذيل الأجناس البشرية وسيخسرون معركة البقاء مع الجنس الأبيض ثم يختفون للأبد.. يقول داروين بالحرف الواحد في كتابه نشأة الإنسان ص 178 ما يلي :- ( في المستقبل القريب ستقوم الأجناس البشرية الأكثر تقدمـا بإبادة الأجناس البدائية والحلول بدلا عنهـا ... سينتهى القردة البشريون anthropomorphous apes للأبد هذا مما لا شك فيه – يقصد بمصطلح الفردة البشريون الزنوج والسكان الأصليين للقارات المُستعمرة – .. سيحدث صراع بين الأجناس المتطورة وبعض القردة العليـا والذين يُعبـر عنهم حاليا بالسُـود وسُكـان أستراليا الحاليين والغوريلات -17-.)
لقد وضع داروين السُود وسكان استراليا الأصليين والغوريلات في سلة واحدة ..!!
اعتقد داروين أن السُـود والقبائل وسكان استراليا الأصليين يُشكلون بعض الحلقات المفقودة في سلسلة النشوء والإرتقاء .. لم يكن يؤمن داورين أن هؤلاء بشرا ..!! وبالفعل تم الحصول على مجموعات من سكان استراليا الأصليين وعرضهم في المتاحف الأسترالية واعتبرهم المتحف الوطني الأسترالي أنواعا من الحيوانات الأسترالية -18-.
لقد عُومل السكان الأصليين للقارات المُستعمرة كحيوانات التجارب لقد ظل معهد سميثسونيان بواشنطون دي سي The Smithsonian Institute يعرض 15 ألف نسمة من الأجناس البشرية الأدنى كما تم نقل 1000 نسمة من سكان أستراليا الأصليين إلى المتحف البريطاني بهدف معرفة هل هؤلاء هم الحلقة المفقودة في طريق تطور الحيوان إلى إنسان أم لا -19-.
لقد استخدموا السكان الأصليين كعينات بحثية وتمت إبادة وذبح بعضهم لهذا الغرض يقول مثلا عمدة مدينة باون Bowen كيراه ويلز Korah Wills يقول في مذكرات الوفيات أنه خلال الستينيات من القرن التاسع عشر كان يقوم بذبح قبائل استراليا الأصليين لتوفير عينات للبحث العلمي.. إدوارد رامسي Edward Ramsay أمين المتحف الأسترالي بسيدني لمدة 20 سنة منذ عام 1874 -1894 وصف سكان استراليا الأصليين في كتيب التعريف بالمتحف على أنهم حيوانات أسترالية .
عالمة التطور الألمانية الشهيرة Amalie Dietrich والمعروفة بإسم ملاك الموت الأسود جاءت إلى استراليا وطلبت من حُكـام الأقاليم إطلاق النار على سكان استراليا الأصليين لأنها بحاجة إلى عينات منهم للدراسة وبالفعل عادت بعد فترة قصيرة إلى وطنها بالعينات -20-.
يعتبر داروين أنه لا فائدة من تعليم السود أو حمايتهم صحيـا فهم بجلاء وبلا أمل سيختفون مع الوقت يقول داروين في كتابه نشأة الإنسـان ص 171 ما يلي :- ( بخصوص سكـان القارات الأصليين فإنهم ضِعـاف في البدن والعقل نحن الرجال المتحضرون في المقابل نحافظ على أنفسنا من الأمراض ونتلقى اللقاحات التى حفظت الآلاف منــا -21-.)
يقول عالم الطبيعيات الأمريكي الدارويني الشهير Henry Fairfield Osborn في مقال له تحت عنوان تطور الأجناس البشرية :- ( مستوى الذكاء لدى السود البالغين لا يعدو أن يكون بمستوى ذكاء طفل أبيض لم يتجاوز 11 سنة -22-.)
في كتابه Ever Since Darwin أوضح ستيفن جولد أن الداروينيون أثبتوا مرارا وتكرارا أن بعض الأجناس البشرية في مرتبة أقل من الأجناس الأخرى يقول جولد :- ( أثبت هيجل ورفاقه أن الإنسان الأبيض هو السلالة المُختـارة داروينيـا .. لقد وظف هيجل ورفاقه علوم التشريح والسلوك من أجل هذا الغرض لقد استخدموا كل ما بوسعهم لإثبات ذلك -23-.)
يقول مثلا الدكتور الفرنسي Etienne Serres أن الذكور السود في مرتبة أقل من الذكر الأبيض لأن مكان السُرة في مستوى أقل من ذلك لدى الرجل الأيبض بل ووصل السخف ببعض علمائهم إلى الزعم بأن القمل الذي ينمو على شعر الرجل الأسود يختلف عن نوعية القمل الذي ينمو على شعر الرجل الأبيض -24-.
بل لقد وصل الأمر ببعضهم إلى حد منع الزواج بين السود والبيض لأن هذا ضـار داروينيـا .. يقول Madison Grant
مؤلف كتاب The Passing of the Great Race والمنشور عام 1916 كتب يقول :- ( السماح بالزواج المختلط بين الأجناس البشرية سيفتح الباب واسعا أمام ظهور أجناس بدائية وفي مرتبة داروينية سُفلى .) لقد أراد عمليـا أن يمنع زواج البيض من السود ..-25- .
كتب الدارويني الشهير روسدن H. K. Rusden عن سكان القارات الأصليين عام 1876 كتب يقول :- ( البقاء للأفضل والأنسب إننا فقط نستشهد بقانون الطبيعة الذي لا يرحم ونحن نقوم بما نقوم به من إبادة سُكـان استراليا ونيوزيلندة الأصليين فنحن فقط نقوم بما تُلزمنا به الطبيعة والطبيعة لا تعرف الرحمة أو الشفقة -26-.)
لقد تم إقامة المذابح في كل القارة الأسترالية لقد قُدم للسكان الأصليين الخبز المسموم وبالفعل فقد اختفت مستعمرات السكان الأصليين من الوجود خلال 50 سنة لكن ليس بسبب قانون الطبيعة والبقاء للأنسب ولكن بسبب إلحاد وكفر هؤلاء الملاحدة الخبثـاء ...كان الغرب الإستعماري يقبل نظرية داروين ليس لكونها صحيحة بل لرغبتهم في أن تكون صحيحة يقول عالم الإنسانيات الهندي Lalita Vidyarthi:- ( نظرية داروين والتي تقول بالبقاء للأقوى كان مُرحبـا بها بشدة في تلك الأيام وخاصة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر عصر العنصرية الشهير وكانت تلقى قبولا متزايدا لأنه كان عصر العنصرية وكانت العنصرية مقبولة كحقيقة طبقا لأغلبية علماء الإجتماع الغربيين -27-.)
وبالفعل فقد صدقت نبوءة آدم سدجويك Adam Sedgwick الصديق الشخصي لداروين الذي قال بعد اطلاعه على كتاب أصل الأنواع لتشارلز داروين يقول :- ( إذا لقي هذا الكتاب قبولا لدى الرأي العام فإنه سيجلب للبشرية مذابح لم يسبق للبشرية أن شهدت مثلها -28-.)
جرت كل هذه الجرائم بإسم الداروينية واندس خلف الداروينية كل اللصوص والخبثـاء والمستعمرين ووجدوا فيهـا مبررا لجرائمهم الوضيعة فكان كل شيء يجري بمنتهى الديموقراطية والحيـاد وبالفعل تم تفريغ قارات بأكملها من سكانها الأصليين ولم يحدث ذلك إلا في وسط إلحـادي وبتبرير دارويني وبدعم مادي لا يرحم ..!!
لكن هل انتهت القضية بحركات العودة وبإعتذار الغرب ؟؟ للأسف الشديد هذه كانت فقط قشور فبعد عام 1970 وبعد إنتهاء العمل بقانون سرقة الأطفال ظهر كتاب قوس الجرس The Bell Curve في سبيعينيات القرن الماضي - أي بعد توقف العمل بقانون سرقة الأطفال - وحقق الكتاب أرقام مبيعات قياسية لم يسبق لها مثيل وصار أشهر الكتب مبيعا على الإطلاق وخلاصة الكتاب أنه علميـا لا جدوى من تعليم السود أو تطبيق قوانين النظافة عليهم فالسـود بطبيعتهم البيولوجية وطبقا للتطور الدارويني في مرحلة أدنى بكثير من البيض والكتاب يؤسس علميـا وبيولوجيـا لكون الذكاء مرتبط بالأجناس -29-.
الآن سؤالي لكل ملحد دارويني ... تخيل أنك نشأت كإبن لأحد سكان أستراليا الأصليين هل تستطيع من منظور دارويني أن تدافع عن نفسك أو أن تُبرهن على المساواة بين البشر؟
فالمساواة بين البشر ممكنة فقط إذا كان الإنسان مخلوقا لله فالمساواة بين البشر هي خصوصية أخلاقية وليست حقيقة طبيعية أو مادية أو عقلية فالمساواة بين البشر هي مسألة ميتافيزيقية بحتة فإذا لم يكن الله موجودا فالناس بجلاء وبلا أمل غير متساوين وتأسيسا على الدين فقط يستطيع الضعفاء المطالبة بالمساواة ..!!
---------------
المراجع للإستزادة :- موقع الباحث التركي هارون يحيى https://www.harunyahya.com/disa...
1- Herbert Spencer, Social Status, p.414-415
2- The Idea of Race and Racism p. 61
3- Kenneth J. Hsü "Darwin's Three Mistakes"p. 534
4- Chauncey Depew, My Memories of Eighty Years, 1922, pp.383-384
5- James J. Hill, Highways of Progress, 1910, pp. 126, 137
6- Andrew Carnegie, Autobiography, Boston 1920, p. 327
7- Andrew Carnegie, Wealth, North American Review p.655-657
8- R. Milner, Encyclopedia of Evolution 1990 p. 412
9- H. Enoch, Evolution or Creation, 1966 p.145
10- Scientific Studies in Special Creationism, 1971 p. 338-339
12- Philadelphia Daily News, 28 April 1997
17- Charles Darwin, The Descent of Man, 2nd edition, New York, A L. Burt Co., 1874, p. 178
18- D. Monaghan, The Body-Snatchers, The Bulletin, pp. 30–38, 12 November 1991.
21- Charles Darwin, The Descent of Man, 2nd edition, New York, A L. Burt Co., 1874, p. 171
24- Thomas Gossett, Race: The History of an Idea in America, Dallas: Southern Methodist University Press, 1963, p.81