التفسير التحليلي لآية الكرسي ( اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُو)
اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُو
الله
لفظ الجلالة الله علم على الذات الإلهية ، وهو اسم تفرد به الله سبحانه واختصه لنفسه ، ووصف به ذاته ، وقدمه على جميع أسمائه ، وأضاف صفاته كلها إليه
قال الله : رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا
أى هل تعلم أحداً اسمه الله غير الله ؟ أو اسماً غير ماسمى به نفسه ؟
أو هل تعلم أحداً يستحق كمال الأسماء والصفات ما يستحقه الله ويتصف به حقيقة .
أو هل تعلم اسماً هو أعظم من هذا الإسم المفرد [1].
اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُو
لارب غيره ولامعبود سواه وهو سبحانه المتفرد بالربوبية والألوهية . وتوحيد الله تعالى هو أساس العقيدة الصحيحة ، ودعوة جميع الأنبياء عليهم السلام من آدم وحتى خاتم النبيين والمرسلين .
قال تعالى وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلا أَنَا فاعبدون
[الأنبياء 25]
وقال : يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُون
النحل2 .
ولقد قسم العلماء التوحيد إلى أقسام ثلاثة : -
أولها : توحيد الربوبية :
وهو الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى رب كل شيئ فلا رب غيره
قال تعالى إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّة أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْق وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
[سورة الأعراف54 ]
وقال تعالى : قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِج الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَفَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ 31 فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ 32
[سورة يونس ].
فالخالق الرازق المدبر المحي المميت المليك المقتدر هو الله .
الثانى : توحيد الألوهية :
وهو الاعتقاد الجازم بأنه تعالى الإله الحق المستحق لجمع العبادات الظاهرة و الباطنة ، المتفرد بها فلا معبود إلا هو
الثالث : توحيد الأسماء والصفات
أما توحيد الأسماء فيقتضي الإيمان بما عليه كل اسم من معنى ، وما يتعلق به من آثار.
قال تعالى في سورة الأعراف وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
180
وقال في سورة الإسراء قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً
110
وقال في سورة طه اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى
8 .
وقال صلى الله عليه وسلم إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة
[2].
وأسماء الله تعالى ليست منحصرة في التسعة و التسعين اسما ولكن لله عز وجل أسماء أخرى غير تلك الأسماء ، دل على ذلك الحديث الذى رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو يعلى والطبرانى من حديث ابن مسعود
عن رسول الله قال ما أصاب أحدًا قط هم ولاحزن فقال اللهم إنى عبدك وابن عبدك وابن أمتك نا صيتى بيدك ، ماض في حكمك عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أواستأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبى ونور صدرى وجلاء حزنى و ذهاب همى : إلا أذهب الله حزنه و همه وأبدله مكانه فرحا-
[3]
وأما توحيد الصفات فيقتضى الإيمان بها بلا تعطيل أو تشبيه بالحوادث وتفويض علم كيفيتها لله تعالى فهو تعالى أعلم بنفسه منا ، و الإيمان بعدم وجود صفتين لله تعالى من جنس واحد كقدرتبن و إرادتين
وأما توحيد الأفعال فمعناه عدم وجود فعل لأحد غيره يشبه فعله تعالى
قال تعالى : ليس كمثله شئ وهو السميع البصير
سورة الشورى : 11 [4].
وقال تعالى: قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد .
وكلمة التوحيد لا إله إلا الله متضمنة لجميع أنواع التوحيد ، لأن معناها توحيد الله في ألوهيته الذى يتضمن توحيد الله في ربوبيته وأسمائه وصفاته [5].
المراجع
- القصد المجرد في معرفة الاسم المفرد - لابن عطاء الله السكندرى - ص 13،14 - ط : صبيح – بدون تاريخ .
- -الحديث : رواه الإمام البخارى بلفظه في صحيحه بسنده عن أبى هريرة ك/ التوحيد باب: إن لله مائة إسم إلا واحدة ، ومعنى أحصاها أى حفظها وآمن بها وعمل بما فيها { والإحصاء قد يكون بالقول وقد يقع بالعمل فالذى بالعمل أن لله أسماء يختص بها كالأحد والمتعال والقدير ونحوها فيجب الإقرار بها والخضوع عندها ، وله أسماء يستحب الاقتداء بها في معانيها : كالرحيم والكريم والغفور ونحوها يستحب للعبد أن يتحلى بما فيها ليؤدى حق العمل بها فبهذا يحصل الإحصاء العملى ، وأما الإحصاء القولى بجمعها وحفظها والسؤال بها … } فتح البارى 13 / 389 ، 390 والحديث رواه البخارى أيضاً بمعناه في كتاب الدعوات عنه باب لله مائة إسم غير واحدة حديث رقم 6410 – الفتح 11 / 218 ، ورواه الإمام مسلم بلفظه عنه ك/ الذكر والدعاء باب الحث مع ذكر الله تعالى صحيح مسلم بشرح النووى 17 / 625.
5. - -الإيمان أركانه ، حقيقته ، نواقضه للدكتور محمد نعيم ياسين ص:11