الحض على الاشتغال بذكر الله تعالى
معاشر الأبناء! اشغلوا أوقاتكم بذكر الله، ولا تقل: أنا شاب أو أنا صغير، من استطاع ألا يفتر يذكر الله فليفعل، فإن ملائكة خلقهم الله بالبلايين يسبحون -والله- الليل والنهار لا يفترون، ويكفيك أنك في حاجة إلى حصن تتحصن به ومناعة تتمنع بها، ولا أجد لك خيراً من ذكر الله، فاذكر الله، ولكن بما ورد عن الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم صيغة ولفظاً وكيفية وحالاً، تذكر الله على كل أحايينك ولكن لا تذكره وأنت في بيت الخلاء، تذكر الله ولكن بالألفاظ الواردة لا تزد فيها ولا تنقص منها، ولا تقدم ولا تؤخر، فإنها لا تنفع، سبحان الله والحمد لله، سبحان الله وبحمده، والتقديم والتأخير فيما أذن فيه الرسول صلى الله عليه وسلم نعم، ( أربع كلمات لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر )، هذه تنتج الطاقة وتولد الحسنة على أية حال، الله أكبر، سبحان الله، لا إله إلا الله، الحمد لله، تنتج، لا إله إلا الله والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله.
أما غيرها مما لم يأذن فيه الشارع لو قدمت أو أخرت ما أنتجت لك الحسنة ولا ولدت لك النور، وهذا من دقة التشريع، والرسول صلى الله عليه وسلم نبه إلى هذا، استعرض محفوظاً لأحد أصحابه فاستبدل كلمة بكلمة قال: وآمنت برسولك الذي أرسلت، والرسول علمه أن يقول: وآمنت بنبيك الذي أرسلت، فلما قال: برسولك الذي أرسلت، قال: لا قل: بنبيك الذي أرسلت؛ لأن هذه الكلمة هي التي تولد الطاقة، هي التي تنتج الحسنة، فلما عرف الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذه الكلمات لا يضرها التقديم والتأخير أذن في ذلك، فقال بكل صراحة: ( أربع كلمات لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر )، ولا إخالكم إلا عرفتم زادكم الله المعرفة، فليكن من أورادكم ما يلي: أولاً: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مائة مرة، لا بد من هذا يا عبد الله وأنت سائر، إن شئت في الصباح أو المساء، لكن كونها في الصباح أليق بك؛ لتظل يومك كله في حرز، أما الهبة التي تعطى لهذا الذكر فهي لا تقدر أبداً. ثانياً: سبحان الله والحمد لله والله أكبر، ثلاثاً وثلاثين دبر كل صلاة مفروضة، هذا مما لا يفرط فيه العاقل، سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين بزيادة: الله أكبر، عند الاضطجاع على فراش النوم، هذه هدية قدمها رسول الله لابنته وفلذة كبده ولابن عمه، وإن شئنا قلنا: ولقائده المظفر علي بن أبي طالب.
العجب يا أبنائي! إننا لفي غفلة، هذه القصة وحدها كافية في أن تزيل ما نحن فيه: تأتي الزهراء رضي الله عنها تطلب معونة من أبيها، كلَّت من العمل، ما استطاعت أن تقوم ببيت كامل، تربي الأطفال، وتطحن الحب، وتطعم الطعام، ماذا تصنع؟ فجاءت تشتكي وتطلب معونة من والدها بوصفه والداً، وبوصفه رسول الله، وبوصفه إمام المسلمين وحاكمهم وبيت المال عنده، أميرة من سيدات الأميرات، فلم يجد ما يعطيها، فيأتي بالليل وقد نامت ونام الناس، فيجدها نائمة مع زوجها فيدخل بينهما ويعطي إحدى يديه لـفاطمة وأخرى لـعلي ، ثم يعطيها هذا الذكر: ( إذا أويتما إلى فراشكما فسبحا الله ثلاثاً وثلاثين، واحمداه ثلاثاً وثلاثين، وكبراه أربعاً وثلاثين، يكون ذلك عوناً لكما على الحياة )، والله لو كان ما على القلب من هذه الحجب لما فرح أحدنا بشيء كما يفرح بهذه، ولكن مع الأسف، فعلى الأقل نقولها كل ليلة.