تاريخ الشيوعيـة الأسـود
( إن الصراع شرط لكل حركة تقدمية ويجب ألا نخنق التناقضات الإجتماعية بحجة الإصلاح ، بل يجب على العكس من ذلك ، أن نستثمرها ، فلكي لا تُخطيء في السياسة يجب أن تكون ثائرا لا مُصلحا -1- .) الفقرة السابقة من كلام لينين هي مُلخص الشيوعية بكل أبعادها .. فالشيوعية قامت على الماديـة الجدلية وعلى الصراع فالأفكار تتطور على مبدأ الصراع وكذلك الكائنات الحية تتطور على مبدأ الصراع الدارويني ولذلك ارتبطت الداروينية بالشيوعية وترعرعا سويا فالداروينية تنظر للكائنات الحية على أساس أنها تتطور على مبدأ الصراع والشيوعية تنظر للأفكار على أنها تتظور على مبدأ الصراع ولذلك يقول كليكانوف :- ( إن الماركسية هي تطبيق للداروينية على العلوم الإجتماعية -2- .)
عندما قرأ كارل ماركس كتاب أصل الأنواع لتشارلز دارون أرسل لصديقه أنجلز يقول :- ( أنا أقرأ كتاب دارون هذا هو الكتاب الذي يحتوي على رأينا في أصل الطبيعة وتاريخها .)
هذه النظرة الساذجة السطحية كانت بداية التأسيس للإلحـاد الشيوعي ..
كان دارون في القرن الماضي ينظر إلى الخلية تحت الميكروسكوب على أنها لطخة من البروتوبلازم .. وبنفس السطحية والسذاجة كان ينظر كارل ماركس لتطور الأفكار .. اعتقد الأول أن الكائنات تتطور على مبدأ الصراع مع أنه مازالت الكائنات الضعيفة تحيـا جنبا إلى جنب مع الكائنات القوية بل ولا تستغني إحداهما عن الأُخرى واعتقد الثاني أن الأفكار تتطور على مبدأ الصراع والثورية وهكذا ولأول مرة في تاريخ الفكر البشري يصير للهمجية والصراع مدرستان فلسفيتان الأولى تُطبق على التاريخ الطبيعي والثانية تُطبق على الوضع الإجتماعي وهكذا ترعرع الإلحـاد الشيوعي بهذه الأفكـار المريضة
في 12 مارس 1922 بينما كانت المجاعة تعتصر روسيا كَتَب لينين رسالة إلى أعضاء المكتب السياسي يقول فيها :- ( إن الموقف لصالحنا ففي حال وجود مئات الجُثث على الطرقات سيمكننا الإستيلاء على مُمتلكات الكنيسة وأموال رجال الدين بقوة دون شفقة أو رحمة ولهذا ينبغي ان نضع أيدينا على أملاكها وإن اليأس الناتج عن الجوع هو الأمل الذي سيجعل المُجتمع يقابلنا بابتهاج -3- .) لقد قصد لينين عمدا إنهـاء حياة خمسة مليون نسمة بالجوع وهذا ما ذكره richard pipes في كتابه >span > يقول richard pipes :- ( لم يكن لينين يحمل أي شعور أو إحساس طيب للإنسانية إلا إحساس الإذلال والتحقير وليس للإنسانية عنده أي معنى فقد عامل الشعوب كما يُعامل الحداد الحديد -4- .)
فلم يكن لينين يتورع عن ذِكر الجانب الإيجابي للجوع قائلا :- ( إن الجوع سيقربنا إلى أهدافنا ويوصلنا إلى الإشتراكية التي هي عهد ما بعد الرأسمالية فالجوع لا يُنهي اعتقاد الناس في القيصر فحسب بل سيُنهي الإعتقاد بالله أيضا -5- .)
لقد تحولت الماركسيـة مع الوقت إلى عقيدة وصار يُنظر إلى مُنظري الماركسية الكبار نظرية تقديس وإجلال يقول أحدهم :- (لعل ماركس أصغر أنبياء بني اسرائيل وكتاب رأس المال التوراة الجديدة -6- .) بل وقد أجبر ستالين كل رجال العلم في الدولة على قسَم اتبـاع الديالكتيكية المادية وبذلك حُرِّفت كل البُحوث العلمية الجـارية لحساب النظرية المـادية وإذا كانت الكنيسة قد قتلت الآلاف في محاكم التفتيش المرعبة فقد قتلت الشيوعية الملايين في معسكرات العمل الستالينية وكانت مُعسكرات العمل الستالينية عبارة عن معامل موت لكُل مَن يُبدي معارضة للنظام الشيوعي وفي عام 1937 وحده تم إعدام حوالي مليون شخص من المعارضين للنظام . وإذا كانت الكنيسة قد قتلت جوردانو برونو فإن الشيوعية الإلحـادية قد قتلت بافلوف -7- .
يقول مكسيم جوركي Maxim Gorky المؤرخ الروسي الشهير:- ( أنه في أثنـاء فترة حكم لينين كانوا يقومون بسلخ جلود كل من يُبدي مُعارضة للشيوعية ويقومون ببقر البطون وتفكيك الأمعـاء -8- .)
وفي تشرين الأول 1919 قابل لينين إيفان بافلوف وأُعجب بنظريته في الفعل اللاإرادي الشرطي لدى الحيوان reflexes وأراد منه أن يُطبقها على الإنسان يقول بافلوف :- ( قال لي لينين أُريد أن أجعل المُجتمعات الرُوسية تُفكر كليـا بالنظام الشيوعي وأن تتحرك به لقد اندهشت . لقد أراد مني أن أفعل بالإنسان ما فعلته بالكلاب قال ينبغي أن يتحرك الناس كما نُريد -9- .)
وحسب تقرير KGB الذي أُعد سنة 1991 فإن 42 مليون إنسان قد قُتلوا في أثنـاء حُكم ستالين وفي ليلة واحدة في 18 آيار 1944 أصدر ستالين قرار بطرد 400 ألف مسلم من بلادهم إلى مجاهل سيبريا تمت تصفية نصفهم جسديا في الطريق ..
وما بين عامي 1949- 1975 تم قتل 26 مليون مسلم صيني - الأتراك الأيغور- في ظل حكومة ماو تسي تونغ الشيوعية .. وفي عام 1964 نشر ماو تهديداته قائلا :- ( جميع الحيوانات السُفلية سوف تُعدم -10- .) وبهذا كان يُخرج معارضيه مِن الإنسانية وكان يعتبر كُل من وقف ضد الثورة خطأ تطوري .
يقول james revee rusey :- ( بالنسبة لمـاو فإن أعداء الشعب ليسوا بشرا وليس لهم أدنى حق بالمعاملة الإنسانية -11-.) وقد مات ماو سنة 1976 بعد أن قُتل 50 مليون صيني بإسم الشيوعية والمـادية الجدلية الإلحـادية .
وهكذا تبقى الشيوعية خُرافة ولن تصل لأبعد من هذا لأنه في تطبيقها فساد المُجتمع وانهياره ...!!!
المراجع
- الدولة والنُظم السياسية أنور الخطيب وزير 2/387
- darwinian evolution 1980
- black book of communism p.167
- richard pipes the unknown lenin p.10
- black book of communism p.165
- الدولة والنظم السياسية أنور الخطيب 2/385
- أنكر بافلوف نظرية داروين فتم إراساله مع علماء الوراثة الآخرين إلى معكسرات العمل الستالينية المرعبة حيث مات هناك .
- orlando figes peoples tragedy 1997 p.775
- نفس المصدر السابق
- china and charles darwin james revee rusey p.456
- نفس المصدر السابق