ثبات القيم الأخلاقية على مدار التاريخ نظرة تستحق التوقف


دكتور / هيثم طلعت علي سرور

 

الأخلاق موضوعية لا ذاتية فهي لا تعتمد على رغبات البشر أو نزواتهم فالخير خير عند الصالح والطالح والشر شر عند الصالح والطالح فالأخلاق تعتمد على شيء خارج الذهن البشري تعتمد على إرادة الله التي يريدها لهذا العالم فالأخلاق لها غرضية كونية يُفترض فيها الإستقلال عن أفكار البشر ورغباتهم ..  والقيم الأخلاقية يعتنقها كل إنسان بوعي أو بغير وعي والإيمان بقضايا مثل أن للحقيقة قوة أو أنه لابد أن ينتصر الخير في النهاية وأن الإتجاه نحو الخير كامن في العالم هذا الإعتقاد مُستمد من شعور غامض بأن العالم نظام أخلاقي غائي .

 

ولا توجد أُمة من الأُمم تقول أن الكذب أفضل من الصدق أو أن الظلم أفضل من العدل أو أن الخيانة أفضل من الأمانة وربما كان من الصعب إيجاد تعريف للخير والشر لكن يبدو أن التعريف السليم للخير هو الفعل الذي يتطابق مع إرادة الله ويعتنقه جميع البشر في كل زمان ومكان(1) .

فالقواعد العامة للأخلاق لا يختلف عليها اثنان في الوجود وهذا من قبيل أن للإنسان عينان وفم فمعنى نزول طفل من بطن أُمه بلا عينان لا يعني خطأ القاعدة بل هو استثناء لسبب خاص جيني والأمر نفسه ينطبق على النقاط التفصيلية الجُزئية للقيم الأخلاقية فوجود الإستثنائات بها كقتل القاتل أو الكذب للإصلاح بين الناس هو من منظور آخر ليس شرا إطلاقا بل خير وتحفيز للخير واختلاف وجهة نظر الناس في قضية جزئية كتلك القضية لا يعني خطأ القيمة الأخلاقية أو ذاتيتها بل كل ما في الأمر أن هذا استثناء من القاعدة وفي نفس الوقت يخضع للقاعدة من منظور آخر ويصدُق الأمر نفسه على أن أُمة من الأُمم لا تقبل بالصورة المعهودة للزواج ولكن يتزاوج أفرادها بعُرف آخر فهذا لا يعدو إلا أن يكون اختلاف أعراف وثبات قيم فعند تلك الأُمه لا تكون العفة إلا بتطبيق هذا النوع من العُرف فهنا لم تحدث خيانه لأن الكل يعرف ما سيحدث ويعرف تطبيقات العرف جيدا فالقيمة ثابته لكن التطبيقات والأعراف والشِرعة والمنهاج تحتلف بين الأُمم.

 

ولذا لو سألنا أي إنسان وقلنا له هل قانون الأمانة أو قانون العدالة أو قانون التعفف هل هو قانون سليم بين جميع البشر سليم بين جميع الأمم لقال بالإيجاب نعم .. وهكذا يكون هناك إجماع جواني على أن القيم الأخلاقية مُطلقة يعتنقها الناس جميعا بوعي أو بغير وعي وكل إنسان يستشعر أنه مُلزم أن يقيس أفعاله على هذا المعيار والإنسان إما مُقبل على الخير أو الشر وهنا تكمن قيمة التكليف وأننا مُكلفون على هذه الأرض في النهاية يروادني سؤال هام لماذا على الإنسان ان يُحب جاره ؟

---------------

المراجع للإستزادة :- كتـاب الإسلام بين الشرق والغرب .. تأليف:- علي عزت بيجوفيتش .. ترجمة :- محمد يوسف عدس .. مؤسسة بافاريـا

(1)اعتناق البشر للأخلاق هو رغما عنهم وحتى الذين لا ناموس لهم هم ناموس لأنفسهم وكما يقول الكتاب المقدس :- ( لأن الأمم الذين ليس عندهم ناموس متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس فهؤلاء إذ ليس لهم ناموس هم ناموس لأنفسهم الذين يظهرون عمل الناموس مكتوبا في قلوبهم ..) رومية 1- 14

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ ثبات القيم الأخلاقية على مدار التاريخ نظرة تستحق التوقف

  • خلاصة عقيدة النصارى : التثليث

    فريق عمل الموقع

    يتفق النصارى جميعا على أن الله ثلاثة ، ويسمونها (ثلاثة أقانيم) وهي : الآب، والابن، وروح القدس،  ثم

    25/01/2010 5171
  • ثمرات الإيمان: ثبات القلوب

    الشيخ محمد مختار الشنقيطي

    من ثمرات الإيمان، ثبات القلوب، فإن من أعظم المصائب وأجلها في الدنيا تقلب القلوب عن طاعة الله، وأعظم ما يكون ذلك

    11/06/2014 4254
  • ما الذي تعيبونه على الإلحاد؟

    محب بن مسكين

    الإلحاد يتطلب إيمان أعلى بكثير من الإيمان الديني. لكنه إيمان مبني على الفروض الكاذبة والخيالات السخيفة. فحتى تلحد عليك أن تتخيل أن:

    30/12/2018 2278
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day