فأخذهم الله بذنوبهم
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الآية/ 11].
تأمل قوله تَعَالَى: ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ﴾ لتعلمَ مَدَى خَطَرِ الذُّنُوبِ عَلَى العِبَادِ.
فكمْ مِنْ مقيمٍ على الذنبِ، ومصرٍّ على كثرةِ العصيانِ، قدْ غَرَّهُ طُولُ الأَمَلِ، وَأَسْكَرَتْهُ نَشْوةُ الشهوةِ، واغترَّ بإمهالِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، ولم يعلمْ ما ينتظرهُ من لباس الخوفِ، وسَرَابِيل الذُّلِّ، وألوانِ العقاب.
قد يطول أمد الإمهال؛ لأنَّ الله تعالى لا يعجَل لعجلة العباد، ألم تسمع قوله تعالى: ﴿فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا﴾؟ [سُورَةُ مَرْيَمَ: الآية/ 84].
ومها طال الأمد فإنه قليل بالنسبة إلى ما ينتظرهم من العذاب ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ [سُورَةُ لُقْمَانَ: الآية/ 24].
وَأَيُّ عَيشٍ يَطيبُ، إِذَا كانَ بعدَهُ العذابُ؟
وَأَيُّ لَذَّةٍ تُسْتَلَذ إذا كانَ سيعقُبُها النارُ؟ ﴿قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ﴾ [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: الآية/ 30].
﴿فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [سُورَةُ لُقْمَانَ: الآية/ 33].
فبَادِرْ أخي قبلَ أنْ تُبَادَرَ، وحَاسِبْ نفسكَ قبلَ أَنْ تُحَاسَبَ..
واقْصُرْ من غلْوَائِك، واكبحْ جماحَ غُرورك..
واعرف لربك قدره، واعلم أنه لا شيءَ يُعجزه.