وأما الركن الثاني للجمالية في الإسلام، فهو: المتعة والإمتاع
وأما الركن الثاني للجمالية في الإسلام، فهو: المتعة والإمتاع، سواء في ذلك ما هو على المستوى الحسي؛ أو ما هو على المستوى النفسي والذوقي، أعني العاطفي والوجداني. ومعنى ذلك أن الله – جل جلاله – خلق في الإنسان مجموعة من الحاجات، كحاجته إلى الطعام والشراب واللباس. فكانت منها حاجة التمتع والاستمتاع بالجمال، من حيث هو جمال. ومن هنا سعيه الدائم إلى البحث عنه والانجذاب إليه. وهذا صريح في كثير من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة. ومن ذلك أن تلك الحقائق الكونية نفسها، التي ذُكرت في سياق هدفها الوجودي، وحكمتها الْخِلْقِيَّة، هي عينها ذُكِرَت لها أهداف إمتاعية في مساقات أخرى. قال تعالى مصرحاً بفوائد الأنعام والبهائم الإمتاعية (الجمالية)، إلى جانب منافعها التسخيرية:
{وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ}
(النحل: 5- 8).
قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} ثم قوله بَعْدُ:{ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً }،
دال بوضوح – بما في السياق اللغوي من حروف التخصيص والتعليل – على قصد إشباع الحاجة الجمالية للإنسان، إلى جانب حاجته البيولوجية إلى الطعام والشراب، وسائر حاجاته المعيشية من الخدمات.
وعلى هذا يجري ما ذكره في القرآن من مشاهد الجمال والتزيين،
كقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ}
(الحجر: 16)
.
وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ}
(ق:6)
وقوله سبحانه: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}
(الصافات: 6).
وقوله جل جلاله: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}
(الكهف: 7).