1- أن يطمع العبد في كرم ربه:
فيرجو منه فضله ويتعرض لنعمه بطاعاته فإن ما عند الله لا ينال بمعصيته ولا يقنط العبد من كرم عم أطراف الكون .
2- محبته سبحانه وتعالى على كرمه وجوده ونعمه التي لا تعد ولا تحصى:
والسعي إلى تحقيق هذه المحبة ، بشكره سبحانه بالقلب واللسان والجوارح، وإفراده وحده بالعبادة، وأن لا يكون من العبد إلا ما يرضي الله سبحانه، ومجاهدة النفس في ترك ما يسخطه ، والمبادرة إلى التوبة عند الوقوع فيما لا يرضيه عز وجل .
3- الحياء منه سبحانه والتأدب معه - عز وجل -:
فمع كثرة معاصي عباده ، إلا أنه لم يمنع عنهم عطاءه وكرمه وجوده .
وهذا الكرم العظيم يورث في قلب العبد المؤمن حياء وانكسارًا ، وخوفًا ورجاءً ، وبعدًا عما يسخطه سبحانه وتعالى.
4- التعلق به وحده سبحانه ، والتوكل عليه وتفويض الأمور إليه ، وطلب الحاجات منه وحده سبحانه:
لأنه الكريم الذي لا نهاية لكرمه ، والقادر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، الحي الذي لا يموت ، بخلاف المخلوق الذي يغلب عليه الشح في العادة ، ولو كان كريمًا فإن كرمه محدود ، وفان بفنائه ، وقد يريد التكرم على غيره ولكن عجزه يحول دون ذلك . قال الله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58] ، وقال سبحانه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217)} [الشعراء: 217] .
وهذا يورث قوة الرجاء ، والطمع في كرمه ورحمته ، وقطع الرجاء من المخلوق.
5- التخلق بخلق الكرم ، والتحلي بصفة الجود والسخاء على عباد الله تعالى:
فإن الله - عز وجل - كريم يحب من عباده الكرماء الذين يفرج الله بهم كرب المحتاجين ، ويغيث بهم الملهوفين. وخلق الكرم الذي يحبه الله تعالى : ليس في الإسراف والتبذير وتضييع الأموال، وإنما هو التوسط بين الإسراف والتبذير، وبين البخل والشح.
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "وقد مدح تعالى أهل التوسط بين الطرفين المنحرفين في غير موضع من كتابه ، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)} [الفرقان: 67] .
وقال تعالى: وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) [الإسراء: 29]، وقال سبحانه: {وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26)} [الإسراء: 26].
فمنع ذي القربى والمسكين وابن السبيل حقهم : انحراف في جانب الإمساك .
والتبذير : انحراف في جانب البذل، ورضا الله فيما بينهما " .
ثم إن الكرم المطلوب من العبد لا يتوقف على الكرم بالمال فحسب، وإنما يدخل فيه الكرم بالجاه والكرم بالعلم، والكرم بالنفس والجود بها في سبيل الله.
6- كثرة دعاء الله - عز وجل - وطلب الحاجات منه سبحانه، مهما كان قدر هذه الحاجة وإحسان الظن به تعالى:
فإن تأخير ، أو منع إجابة الدعاء ، وقضاء الحاجة : لا يقدح في كرم الله سبحانه وجوده، بل إن منعه سبحانه قضاء حاجة عبده المؤمن ، هي في ذاته كرمًا منه سبحانه ورحمة، إذ قد يكون في قضاء الحاجة التي يلح العبد في قضائها هلاك له في دينه أو دنياه، والله سبحانه بمنه وكرمه ورحمته لا يستجيب له ، لما يعلم من ضررها عليه لو حصلت له .
7- أن يدرك المسلم أن الإكرام الحقيقي هو إكرام الله للعبد بالتوفيق للطاعة واليقين والإيمان:
فالمُكرَم هو من أكرمه الله تعالى بالإيمان والهدى ، ولو كان فقيرًا مبتلى . والمهان : من أهانه الله تعالى بالكفر والفسوق والعصيان ، ولو كان غنيًا ووجيهًا ، ذا مال وبنين: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18].
أما الإكرام بالنعمة فهي ابتلاء تستوجب الشكر ودرجة الإحسان، وليس كما يظن البعض أنها دليل رضا ومحبة، فليست سعة الرزق إكراما ولا ضيق الرزق إهانة، بل الإكرم الحقيقي في تقوى الله سرا وعلانية .
8- من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله:
فَإنَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى يَقَولُ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].
9- الدعاء بذي الجلال والإكرام سبب في استجابته:
فعَنِ اللَّجْلَاجِ، حَدَّثَنِي مُعَاذٌ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يُصَلِّي وَهُوَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الصَّبْرَ. قَالَ: " سَأَلْتَ الْبَلَاءَ فَسَلِ اللهَ الْعَافِيَةَ ". قَالَ: وَأَتَى عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَمَامَ نِعْمَتِكَ. فَقَالَ: " ابْنَ آدَمَ هَلْ تَدْرِي مَا تَمَامُ النِّعْمَةِ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا أَرْجُو بِهَا الْخَيْرَ. قَالَ: " فَإِنَّ تَمَامَ النِّعْمَةِ فَوْزٌ مِنَ النَّارِ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ ". وَأَتَى عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَقُولُ: يَا ذَا الْجِلَالِ وَالْإِكْرَامِ. فَقَالَ: " قَدْ اسْتُجِيبَ لَكَ فَسَلْ " [إسناده حسن، أخرجه أحمد 36/379 حديث 22056، والترمذي 5/428 حديث 3527].
10- الدعاء بأسماء الله الكريم – الأكرم:
ومن أهم ما ينبغي العمل به ، بمقتضى أسمائه الحسنى سبحانه : سؤاله بها ، والتوسل إليه بها ، كما قال تعالى : {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } [الأعراف:180].
فمن الدعاء باسم الله الكريم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ رَآهُ ضَاحِكًا مُسْتَبْشِرًا لَمْ يَرَ مِثْلَ ذَلِكَ , فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ: «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا جِبْرِيلُ» قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ بِهَدِيَّةٍ لَمْ يُعْطِهَا أَحَدًا قَبْلَكَ , وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى [ص:146] أَكْرَمَكَ , قَالَ: «فَمَا هِيَ يَا جِبْرِيلُ؟» , قَالَ: كَلِمَاتٌ مِنْ كُنُوزِ عَرْشِهِ قَالَ: قُلْ يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَسَتَرَ الْقَبِيحَ , يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ , وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ , يَا عَظِيمَ الْعَفْوِ , يَا حَسَنَ التَّجَاوُزِ , يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ , وَيَا بَاسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ , يَا مُنْتَهَى كُلِّ شَكْوَى , وَيَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوَى , يَا كَرِيمَ الصَّفْحِ , وَيَا عَظِيمَ الْمَنِّ , وَيَا مُبْدِئَ النِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا , يَا رَبَّاهُ وَيَا سَيِّدَاهُ وَيَا أَمَلَاهُ وَيَا غَايَةَ رَغْبَتَاهُ , أَسْأَلُكَ بِكَ أَنْ لَا تَشْوِيَ خَلْقِي بِالنَّارِ " [في صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم نظر، أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات 1/ 145 حديث 90].
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ شَابٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي دُعَاءً أُصِيبُ بِهِ خَيْرًا؟ قَالَ لَهُ: «ادْنُهُ»، فَدَنَا حَتَّى كَادَتْ رُكْبَتُهُ تَمَسُّ رُكْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " قُلِ: اللَّهُمَّ اعْفُ عَنِّي فَإِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، وَأَنْتَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ " [إسناده ضعيف، أخرجه أبو يعلى في مسنده 2/300 حديث 1023، والطبراني في المعجم الأوسط 7/367 حديث 7746].
ومن الدعاء باسم الله الأكرم ما ثبت عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يدعو في السعي: (اللهم اغفر وارحم واعف عَما تعلم وأنت الأعَزُّ الأكْرَم، اللهم آتنا في الدنيا حسَنة وفى الآخِرَةِ حسَنة وقِنا عَذابَ النار).
ومن حديث عوف بن مالك - رضي الله عنه - في الدعاء للميت: (اللهم اغفر له وارحمه وعَافه واعف عَنه وأكرم نزُله، وأوسِع مدخله، واغسِله بالماءِ والثلج والبَرَدِ، ونقه من الخطَايا كما ينقى الثوب الأبيضُ من الدنسِ).
[ولله الأسماء الحسنى لعبد العزيز بن ناصر الجليل 1/483 – 485].